الطريق
الجمعة 17 مايو 2024 08:34 صـ 9 ذو القعدة 1445 هـ
جريدة الطريق
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب
رئيس مجلس الإدارةمدحت حسنين بركات رئيس التحريرمحمد رجب

وكيل الطرق الصوفية ببنى سويف: التصوف هو الإسلام في أرقى معانيه (حوار)

الشيخ جابر بغدادي
الشيخ جابر بغدادي
بني سويف

احتل الشيخ جابر البغدادى، وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية بمحافظة بنى سويف، مكانة خاصة في قلوب أهالى المحافظة، فضلا عن الآلاف المتابعين له على مستوى العالم الإسلامي، ففي هذا الحوار يكشف الشيخ البغدادي عن أهم أساليب الصوفية في الإسلام، وكيفية مواجهة الإرهاب الفكري بالصوفية، وإلى نص الحوار:

فى البداية شيخنا الجليل حدثنا عن التصوف في الإسلام؟

التصوف هو الإسلام فى أرقى معانيه، وهو عبادة الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك، وهو الأخذ بالحقائق واليأس مما فى أيدى الخلائق، وهو أن تزهد ما فى يد الناس وتأخذ بالحقيقة، والحقيقة هي أن الله سبحانه وتعالى هو فقط الذى أوجد الوجود وهو الرزاق والقادر.

وماذا يمثل التصوف من وجهة نظرك في الدين الإسلامي؟

التصوف هو العلم المفروض على الجميع، سواء المسلم العالم أو المسلم العادي، لأن الله سبحانه وتعالى أمرنا بأن نتزكى، ومدح ذلك بقوله تعالى "قد أفلح من تزكى"، ولا يخلو أحد من عيب فى زماننا إلا الأنبياء، ولذا ليس هناك معصوم، والتصوف هو معراج الوجود للتصالح مع الودود، والتصوف هو روح الإسلام وروحانيته، لأن كل فنون الدين وعلومه فرض كفاية، فالفقه إذا تعلمه العلماء، فالعوام عليهم التقوى والعلماء عليهم العلم.

وهل بالتصوف يمكن تجديد الخطاب الديني؟

تجديد الخطاب الديني بحاجة إلى عودة الخطاب الديني إلى التصوف ومعانيه، وذلك لأن الخطاب الدينى جديد فى كل لحظة، والقرآن تتجدد معانيه ولن ينزل من السماء قرآن جديد، ولابد من إحياء المنابر الصوفية، وإعطاء الفرصة لأهل العلم من أكابر الصوفية، خاصة أن كل أهل الأسانيد فى القراءات وعلم الحديث والفقهاء والعلماء كانوا من الصوفية، وصلاح الدين الأيوبى الذى حرر بيت المقدس كان صوفيًا، ومحمد الفاتح الذى فتح القسطنطينية كان صوفيًا، والذين فتحوا وأدخلوا الإسلام إلى شرق آسيا كانوا صوفية، وهذه البلدان عمرت بهم والأخلاق اكتملت بهم.

وماذا عن مطالبة البعض بتدريس الصوفية بالمدارس والجامعات؟

يحدث ذلك من خلال جموع المعلمين بالمراحل التعليمية المختلفة بالمدارس والجامعات وذلك من خلال تطبيق تعاليم الشريعة الإسلامية من خلال مادة التربية الإسلامية، وإقامتها على روح الصوفية، وإبراز الإيجابيات والروحانيات الجميلة بها، وسينتشر الإسلام بين الناس، إسلام الرحمة والوسطية والزهد والحب.

وماذا عن عالم التصوف الخاص بكم؟

أحاول نشر ثقافة الحب بين الناس، والحب هو مزيل المعاصي والذنوب، وخاصة أن المعاصي والذنوب التى وصلنا إليها في المجتمع الذى نعيش فيه، والاضطرابات السياسية والمجتمعية، وقطع الأرحام والسرقة، كل هذا سببه أن المجتمع لم يعرف الحب، ولم يعرف كيف يعبد أو يتبع من يحب، وأن التجربة التى عايشتها، بعد أن قرأت السيرة النبوية وتخصصت في دراسة التاريخ الإسلامي وكثيرًا من كتب التراث، ووجدت أغلب الذين وصلوا إلى الله كان منهجهم الحب.

حدثنا عن أحوال الصوفيين ببني سويف؟

لدينا العديد فى بنى سويف من الطرق الصوفية مثل " الخلوتية الجودية، والهاشمية، والرفاعية، والعزمية، والنقشبندية، والتيجانية، والأحمدية، وغيرها الكثير من الطرق التى تعتبر مدارس لنشر الإسلام الوسطى بين الناس، وقديما عانت محافظة بنى سويف من الافتقار إلى أهل التصوف وعلمه الحقيقي، بسبب عدم وجود علماء للتصوف الحقيقي، وأما الآن فقد ازدهر أحوال المتصوفين بسبب وجود مدرسة صوفية داخل الأزهر الشريف.

ما هي مؤلفاتك العلمية حول التصوف؟

كتاب كنوز الإشارات فى أدب السلوك إلى الله، وهو مترجم إلى اللغة الإنجليزية، وكتاب «حى على الوداد.. فى مقتطفات السيرة النبوية، وكتاب حدثنى شيخى، وكتاب ألفية ياقوتة الوصايا والحكم، وكتاب علمنى الحُب، وكتاب فيض المنان فى أحزاب وصلوات الأمان» وهو من الإلهامات الربانية والفيوضات النبوية.

ماذا تعنى بمقولتك الشهيرة التصوف بين كرامة واستقامة؟

التصوف هو كرامة الاستقامة، أو قل الاستقامة خير من ألف كرامة، فلقد جمع الله مجامع الكرامة كلها في آية واحدة ”إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الأخرة"، ليعلم الخلق أن الطريق إلى الله، بين توحيد وعمل خالص، وما لم يتفق ظاهر قولك مع باطن حالك فلا حقيقة لكونك على الصراط المستقيم، فلقد قال العارفون لو رأيتم الرجل يطير في الهواء أو يمشي على الماء فزنوا حاله على ميزان الكتاب والسنه فإن وافق ذلك فهو ولي وإن خالف ذلك فذالكم شيطان، لأن الله ضمن العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنه في القيام والتقويم والإقامة، ولكن، بغير تقييم ”القيام بالعبودية” فالعبودية لها مظاهر خمسة منها “حفظ الحد، ولزوم الورد، ووصل الود، وصيانة العهد، واستواء العطاء والفقد”، فمن حفظ العهد بلغ منزل التقوى، ومن لزم الورد له في منزل الأنس مأوى، ومن وصل الود شرب، وارتوى، ومن صان العهد سلم من كل بلوى".

كيف ترى تطوير الدولة المصرية لمساجد آل البيت؟

لابد من توجيه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية على هذه المبادرة الفريدة من نوعها في القرن الحالي، حيث أن الاهتمام بمساجد وأضرحة أهل البيت يعد إحياء للتراث الإسلامي العريق ويعد تجديد لعهد الوسطية المصرية في حب آل البيت، حيث أن أهل مصر في حبهم آل البيت اتخذوا شكلاً سنياً لا تعصب فيه ولا تطرف، فالشكر كل الشكر للدولة المصرية على هذا الدور القيم في رعاية وتطوير هذه المعالم الحضارية والتي تمثل النور والبركة وروضات السلام النفسي لأهل مصر، فأنا أرى أن تجديد وتطوير هذه المساجد والأضرحة أذان جمع لشمل الأمة العربية والإسلامية في سفينة النجاة التي أشار إليها المصطفي صل الله عليه وسلم حيث قال مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها فقد نجا، فما دامت مصر في بركة التعلق بحب أهل البيت فهي في سلام وإسلام وسلامة ليوم الدين ولن تضام أبدا وفيها مآذن الحسين والسيدة تصدع بالتوحيد وأنوار المحبة لآل البيت.

وماذا عن زيارتكم الأخيرة إلى دولة تونس؟

تونس الحبيبة لها مكانة خاصة في قلوب كل المصريين، فهناك تم لقاء الدكتور محمد بن مشفر، رئيس رابطة القرآن الكريم التونسية، بدولة تونس، لبحث البروتوكولات ومواثيق التعاون بين رابطة القرآن الكريم التونسية ومؤسسة حى على الوداد والعلوم القرآنية وإحياء التراث بالدولة المصرية، وتم لقاء الدكتور عبداللطيف بوعزيزى ، رئيس جامعة الزيتونة بدولة تونس، والدكتور محمد الرزقى، نائب رئيس الجامعة، لبحث بعض القضايا التي تساعد على توضيح الفهم الصحيح للإسلام المعتدل.